مسار كيم التطويري – تنمية مهارات الانضباط الوظيفي
المقال الاول
بقلم الدكتور / محمود الضابط
الوحدة التدريبية الأولى
أخلاقيات العمل والإنضباط الوظيفى
ما المقصود بأخلاق وآداب العمل ؟
وما أهميتها في منظمات الأعمال
في أبسط تعريف الأخلاق هي :
” أن تعرف ما هو التصرف الصحيح وما هو التصرف الخطأ ثم أن تفعل ما هو صحيح ” .
وهذا تعريف بسيط ومحدد وواضح .
ولكن المسألة في واقع الأمر ليست بهذه البساطة والوضوح .
لأن التصرف الصحيح كثيراً ما تحيطه ظلال الغموض والحيرة، بل أن الإنسان كثيراً ما يطلب منه الاختيار بين بديلين يبدو أن كليهما صحيح …
وصحيح أن غالبية التصرفات الخاطئة تكون واضحة مثل السرقة أو الكذب أو الغش، ولكن الحياة في الواقع ليست كلها أبيض وأسود .
إن السؤال الصعب ليس هو ما الذي يجب علينا ألا نفعله، وإنما السؤال الصعب حقيقة هو : ما الذي يجب أن نفعله؟
مفهوم الأخلاق
الأخلاق:
- هي مجموعة القواعد والمبادئ التي يخضع لها الإنسان في تصرفاته ويحتكم إليها في تقييم سلوكه.
القيم:
- معايير وأحكام تتكون لدى الفرد من خلال تفاعله مع المواقف والخبرات الفردية والاجتماعية.
- أو هي تعبير عن المعتقدات الشخصية للفرد وهي التي تحدد ما يجب أن يفعله أو لا يفعله وما هو صحيح أو خطأ وهي التي توجه سلوكنا مع الآخرين.
الانضباط والالتزام الوظيفي:
أخلاقيات العمل :
هي المبادئ والمعايير، التي تعتبر أساساً للسلوك المستحب من أفراد العمل ويتعهد أفراده بالالتزام به.
آداب المهنة:
هي مجموعة القواعد والأصول المتعارف عليها عند أصحاب المهنة الواحدة.
الشركة منظمة أخلاقية
الالتزام الخلقي حتمي :
لما كانت الشركة معنية أساساً بتقديم خدمة لعة أو وتحسين ظروف الإنسان، فإنها تكون منظمة أخلاقية بالضرورة، وعليها بالتالي أن تحرص على تنمية بيئة أخلاقية في التنظيم وإلا عجزت عن النهوض برسالتها ، فلا انفصال بين تحقيق رسالة الشركة وبين التزامها بالأخلاق، ولا يتصور منطقياً الزعم بأن الشركة نجحت في إنتاج السلع بالكمية المخططة وتحقيق الأرباح المنشودة في حين أن سلوكياتها وسلوكيات أعضائها غير متمشية مع الأخلاق.
والمقصود هنا ألا نكتفي بتحقيق الوعي الأخلاقي، وإنما أن ننتقل إلى الالتزام الأخلاقي ليس فقط على مستوى الفرد وإنما على مستوى المجموع فيتقبل الموظف ويتحمل المسئولية بشأن أخلاقياته هو كفرد وبشأن أخلاقيات الشركة ككل .
هاتان هما أهم دعامتان في البيئة الأخلاقية للشركة:
- الوعي الخلقي
- الالتزام الخلقي
ما تعريف أخلاق العمل ؟
أخلاقيات العمل مجموعة من معايير السلوك الرسمية وغير الرسمية التي يستخدمها المدراء والعاملون كمرجع يرشد سلوكهم أثناء أداء وظائفهم .
لماذا نهتم بالأخلاق في بيئة العمل ؟ :
1- المنافع المترتبة على الالتزام الأخلاقي في الأعمال عموماً
يقولون “إنك إذا وظفت شخصاً لديك فقد وظفت أخلاقه معه” هذه قاعدة سلوكية عامة، فلا يتصور منطقياً أن ينفصل الشخص عن خلقه عندما يطلب منه التصرف الحر، وقد نلتزم بالقواعد واللوائح ولكن هذا الالتزام يتأثر بعمق وصلابة الاقتناع بالأساس الخلقي لهذه القواعد واللوائح، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك عشرات المواقف التي يطلب فيها التصرف دون أن يكون هناك حكم واضح في القواعد واللوائح. من هنا كان الالتزام الخلقي ضرورياً ، ولذلك منافع عديدة .
2- الاهتمام بالأخلاق يسهم في تحسين المجتمع ككل :
فتتراجع الممارسات الظالمة، وتتوافر الفرص المتكافئة للناس، وتنفذ الأعمال بواسطة الأعلى كفاءة، وتستخدم الموارد المحدودة فيما هو أكثر نفعاً، ويقطع الطريق على الطفيليين والمتربحين تدريجياً، ويتسع بالتدريج أيضاً، أمام المجتهدين. كل هذا وغيره يتحقق إذا إلتزم الجميع بالأخلاق .
3- الالتزام بأخلاقيات العمل يسهم في شيوع الرضا الاجتماعي :
بين غالبية الناس كنتيجة لعدالة التعامل والمعاملات والعقود وإسناد الأعمال وتوزيع الثروة وربط الدخول بالمجهود … الخ .
4- أخلاقيات العمل تدعم البيئة المواتية لروح الفريق وزيادة الانتاجية :
وهو ما يعود بالنفع على الفرد وعلى المنظمة وعلى الجميع .
5- إدارة أخلاقيات العمل بكفاءة تشعر العاملين والمديرين بالثقة بالنفس :
والثقة في العمل وبأنهم يقفون على أرض صلبة ونزيهة وشريفة، وكل هذا يقلل القلق والتوتر والضغوط ويحقق المزيد من الاستقرار والراحة النفسية .
6- إن الالتزام الخلقي في المنظمة يؤمنها ضد المخاطر بدرجة كبيرة :
حيث يكون هناك التزام بالشرعية، وابتعاد عن المخالفات، أو الجرائم، والتمسك بالقانون، فالقانون من قبل ومن بعد ما هو إلا قيمة أخلاقية .
7- الالتزام بأخلاقيات العمل يدعم عدداً من البرامج الأخرى الهامة :
مثل برامج التنمية البشرية، وبرامج الجودة الشاملة، وبرامج التخطيط الاستراتيجي، وكل هذا يصب في اتجاه دعم المنظمة وتنميتها ونجاحها .
8- إن الالتزام بمواثيق أخلاقية صارمة يدفع المتعاملين إلى اللجوء في تعاملاتهم إلى الجهات الملتزمة أخلاقياً، وبالتالي تنجح الممارسة الجيدة أو الصحيحة في طرد الممارسة السيئة من ساحة الأعمال .
9- إن وجود ميثاق أخلاقي تلتزم به المهنة أو المنظمة يكون بمثابة دليل أو مرجع يسترشد به الجميع ليس فقط في تصرفاتهم، وإنما أيضاً عندما تثور الخلافات أو يثور الجدل حول ما هو السلوك الواجب الإتباع .
من أين نستمد المبادئ الأخلاقية ؟
تستمد المعايير الأخلاقية من مصدرين رئيسيين :
- المصدر الأول :
القيم الإنسانية الأساسية المنبثقة من الديانات السماوية :
“إنما بثت لأتمم مكارم الأخلاق”
ومن أمثلة هذه القيم الأمانة والصدق وعدم إيذاء الغير .
- المصدر الثاني :
الثقافة السائدة في المجتمع وما يفعله الآخرون. فما يشاهده الفرد في سلوكيات الآخرين لابد سيترك أثر عليه أحياناً، بل إن تصرف رئيس الشركة مثلا يمكن أن يصبح معياراً نقيس عليه للاختيار بين تصرفين مطروحين للمناقشة والسلوك .
فيما يلي أهم الأخطاء الشائعة فيما يخص أخلاقيات المهنة عموماً ، وأخلاقيات العمل الجماعي خصوصاً:
(1) أخلاقيات المهنة تعني فقط الالتزام بالقوانين والقواعد القانونية الحاكمة للعمل :
ويترتب على مثل هذا الاعتقاد أن ننظر إلا الأخلاق على أنها تطبيق لقواعد قانونية محددة، ويصبح قانون الشركة مثلاً هو المرجع فيما يخص الحكم الأخلاقي بالعمل المؤسسي .
وهذا الطرح غير كاف بالتأكيد لعدة أسباب :
1/1 فالقانون عادة ما يتضمن قواعد عامة بدرجة كبيرة ولا تتطرق إلى تفاصيل المواقف العديدة التي يحتاج فيها الموظف إلى مرجعية أخلاقية .
1/2 إذا كانت القواعد الأخلاقية حين تستقر تماماً تجد طريقها إلى النصوص القانونية، فالواقع يقول إن كثيراً جداً من القواعد والمبادئ الأخلاقية لم يتم إستقرارها تماماً وبالتالي لا ينص عليها في القوانين.
1/3 أن النصوص القانونية ذاتها قد تحتاج إلى التفسير، وقد يختلف المفسرون في تفسيراتهم، بل وقد لا ترجع إختلافاتهم أحياناً إلى أسانيد موضوعية أو حجج منطقية، ولا غنى بالتالي عن الحكم الأخلاقي للشخص صاحب التصرف .
(2) أخلاقيات العمل مسألة دينية ولا شأن لنا بها لأنها تخص علاقة العبد بربه . ويترتب على ذلك ضياع أو غموض كثير من القواعد في زحام المجادلات الدينية، وربما اختلاف الأديان، بل وقد ينزلق المسئول إلى أن يترك المخالفين ليحاسبهم الخالق، أو لتؤلمهم ضمائرهم .
والحقيقة أننا في أخلاقيات المهنة نتعامل مع قضية إدارية وليست دينية، وما نحن معنيون به ليس تغيير المعتقدات والقيم وإنما إدارتها وفض النزاع فيما بينها. ولو كان الاحتكام لحكم الدين متيسراً وقاطعاً في تبيان السلوك الواجب في كل الحالات، ما اختلف الناس حول هل يحق للمحجبة أو المنقبة أن تدخل الجامعة أم لا……. .
(3) أخلاقيات العمل مسألة تقررها إدارة الشركة ولا يقررها العامل أو الموظف:
ويتصور هذا الطرح ان الشركة ستضع قوائم تفصيلية بما يجب وما لا يجب في كل صغيرة وكبيرة بحيث لا يترك مساحة لتقدير الموظف وحكمه الأخلاقي . وواقع الأمر أن الشركة تضع سياسة وقواعد عامة وربما إجراءات تنفيذية أحياناً، ويبقى المدير أو الموظف هو صاحب الحكم الأخلاقي الذي يسأل عنه في تطبيق تلك السياسات والقواعد وفي تنفيذ تلك الإجراءات .
مفهوم الانضباط الوظيفى
الانضباط والالتزام الوظيفي:
مفهوم الانضباط:
◦ لغة من الضبط. يقال ضبط الشيء إذا حفظه بالحزم
◦ وهو الحزم في تنظيم الأمور سواء الانضباط في الأوقات أو التصرفات.
الضبط والانضباط في اللغة :
- الضبط: لزوم الشيء وحبسه.
- وضبط الشيء حفظه بالحزم، والرجل الضابط أي حازم.
- ورجل ضابط : شديد البطش والقوة والجسم.
- الضابط القوي على عمله.
- ورجل ضابط للأمور: كثير الحفظ لها .
- قال ابن دريد : ضبط الرجل الشيء يضبطه ضبطاً إذا أخذه أخذاً شديداً .
- وفلان لا يضبط عمله، أي لا يقوم بما فوض إليه.
- ويقال فلان لا يضبط عمله إذا عجز عن ولاية ما وليه .
)لسان العرب -تاج العروس)
الانضباط والالتزام الوظيفي :
الفرق بين الانضباط والإتقان:
◦ الإتقان هو إحكام الشيء , وأداؤه بأفضل طريقة ممكنة.
◦ قد يقوم الفرد بأداء العمل، لكن لا يعني هذا أنه أتقنه
◦ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).
فلسفة ”د ا م“، ثالوث الإتقان والذي تفيد بأن إنجاز الأعمال لا يعني إتقانها، وأن الإتقان مستوى أرفع:
- د: دقــــة (عدم التشتت والدقة في تحديد الهدف)
- ا: اهتمام (الاهتمام بكل ما من شأنه تحقيق الهدف)
- م: متابعة (المراجعة المستمرة على الأداء وتقييمه)
الانضباط
الدلالة والمقصود
1- الانضباط في الوقت :
المحافظة والاستثمار لثروة الزمــان.
2- الانضباط في الأداء :
القدرة على الاتقان والإنجاز والإنتاج .
الانضباط
خسائر ومخاطر
الآثار المادية :
- إضاعة الأوقات .
- تعطيل المنجزات .
- إهدار الإمكانيات .
الآثار النفسية :
- التبلد واللا مبالاة .
- التثبيط والإحباط .
- التوتر والخلافات .الآثار الإدارية :
- الترهل والبيروقراطية .
- العجز عن المنافسة .
- الصورة السلبية النمطية .
الآثار الإدارية :
- الترهل والبيروقراطية .
- العجز عن المنافسة .
- الصورة السلبية النمطية .
الطريق إلى الانضباط.
الوحدة التدريبية الثانية :
تقوية عضلة الانضباط الخاصة بك
التحكم فى الذات , وضبط النفس , والإرادة جميعها مصطلحات مختلفة تدلل على شئ واحد : ألا وهو قدرتنا على دفع أنفسنا للأمام , والتضحية , والقوة الداخلية التى تمكننا من القيام بالأمر السليم .
وفى كل يوم نخوض معركة بين ما نشعر برغبة فى القيام به وما ينبغى أن نقوم به . وأحياناً ما نفوز فى هذه المعركة . فنحن نمارس ضبط النفس عندما نتعثر أثناء مغادرة سريرنا فى الصباح, وعندما نذهب إلى صالة الألعاب الرياضية بدلاً من الاستلقاء على الأريكة , وعندما يقع اختيارنا على المكرونة بالخضار بدلاً من اللحم البقرى , وفى كل المرات التى نمسك فيها على ألسنتنا , وننتظر بصبر , ونقول ” من فضلك ” .
وفى أحيان اخرى نبدو كما لو كنا نخسر المعركة ضد نزواتنا بنفس القدر الذى نفوز به . فهذه الأوقات التى نضغط فيها على زر إيقاف المنبه , ونطلب تلك الحلوى التى تحتوى على نسبة عالية من الدهون , أو ننقض فيها قرارات العام الجديد تذكرنا جميعها لاننا نسمى الاشخاص المنضبطين الذين نحلم بان نكونهم وحتى عندما نجد القوة التى تمكننا من عمل الصواب , نجد ان ارادتنا تصاب بالوهن تدريجيا يوميا . فنقدم تقريراً عن عملنا مبكرا يوم الاثنين , ونتاخر عن التقدم به لنصف ساعة يوم الثلاثاء ونفرض فى الاكل ثم نتبع حمية ونمارس التمارين الرياضية بشكل محموم لمدة اسبوع ونستلقى على الاريكة طوال الاسبوع الثانى . ولذا , فان العثور على القدر المناسب من ضبط النفس الثابت والمستمر على المدى البعيد هو جوهر المسئلة الذى يفوتنا دائماً .
ولعلك لا تنتمى إلى فئة أنصار المواعيد الاخيرة او المنتجين الذين سبق و تناولتهم بالمناقشة فى الفصول السابقة . وربما انك لاتعدو على كونك شخصا فى حاجة إلى تقوية عضلة ضبط النفس فحسب كيف تؤثر عضلة ضبط النفس غير المدربة على قدرتك على الوصول فى الوقت المحدد؟ فالخروج من الباب , كما تعرف , بطريقة عاجلة ليس بالامر السهل دائماً , إذ إنه ينطوى دائماً على نوع من التنازل , وضرب من الاختيار فعندما تستيقظ فى الصباح , فانك تختار ما بين الاستلقاء فى السرير لعشر دقائق اضافية والوصول الى العمل فى الوقت المحدد وبينما تعد العدة للاجتماع , فانك تختار ما بين ادخال تعديل اخير على جدول الاعمال والتاخر عن الاجتماع ولذا, فان اختيارك الامر الايسر – الإشباع اللحظى – وتفضيله على الصواب هو الذى يدلل على افتقارك لضبط النفس .
استرجع تلك الأوقات التى تأخرت فيها . ففى مرحلة ما أثناء استعدادك للرحيل , وقع اختيارك على أمر ما , سواء عن وعى منك أو بدون وعى تسبب فى تأخرك . فربما أن رأيك استقر على احتساء كوب أخر من القهوة , أو تغيير ملابسك مرة أخرى . وعلى الرغم من أنك على علم بأنك تضيق على نفسك الوقت باختيارك هذا , إلا أنه لم يكن لديك الاستعداد لكى تضحى من اجل الوصول فى الموعد المحدد . إن تعلم التضحية – كأن يكون المرء على استعداد لتحمل المنغصات البسيطة التى تصاحب هذه التضحية – يعد جزءاً أساسياً لاكتساب الانضباط الذى سينتقل بك إلى مصاف المبكرين . والواقع أن نجاحك فى ممارسة أى من التمارين التى يشتمل عليها هذا الكتاب يتطلب تدريب عضلة الانضباط الخاصة بك اولاً . فهى الأساس الذى يقوم عليه كل شئ .
إليك الأخبار السيئة الان تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلة التأخر كجماعة قد يجدون صعوبة أكبر فيما يتعلق بالانضباط مقارنة بالأشخاص الذين يحافظون على مواعيدهم ويعضد بحثى الشخصى من هذه الفكرة , ففى الاختبارات النفسية , وجد أن مدمنى التأخر أحرزوا درقات اقل من الاشخاص الذين يحافظون على مواعيدهم فى قسم الانضباط فيما احرزوا درجات اعلى فيما يختص بالاندفاع فقد عانى المتأخرون على سبيل المثال من مشاكل اكبر فيما يتعلق بالرذائل مثل التدخين , وشرب الكحوليات , والإفراط فى الاكل , وكانوا أكثر تفوهاً بأشياء وإتياناً لافعال ندموا عليها فى المستقبل .
والتأخر بشكل منتظم لا يضعك , بالطبع , فى مصاف غير المنضبطين بالكلية فالانضباط شئ محير فقد تكون نموذجاً فى قوة الإرادة فى بعض جوانب حياتك بيد أنك تفتقر اليها فى جوانب أخرى وحتى الاشخاص الناجحون أصحاب الانجازات الذين لهم الحق فى التفاخر بما حققوه يفقترون إلى ضبط النفس فى جوانب بعينها فحلقاتى الدراسية التى أجريها من اجل علاج مدمنى التأخر يجتمع فيها محامون ومهندسون وحتى معالج نفسى أو اثنان ويعد الرئيس الامريكى بيل كلينتون مثالاً مضيئاً على رجل ذكى ومجتهد وطموح أحياناً ما يعانى من مشاكل ضبط النفس فقد كانت له مبادرات على صعيد السياسة الخارجية وسن القوانين وأدار البلاد بيد أنه لم يستطع الوصول إلى أى اجتماع فى الموعد المحدد له .
ما السر وراء صعوبة ممارستنا الانضباط ؟
الرغبة فى تحقيق كل شئ :
ما السر وراء صعوبة ممارستنا الانضباط ؟ لسبب واحد أساسى : أننا نريد كل شئ فنود أن نخلد إلى النوم فى وقت متأخر متى انتابنا الارهاق دون أن نهمل أى امر من الأمور التى نقوم بها بطبيعة الحال كأن نتناول الخبز الفرنسى المحمص فى الإفطار والاطلاع على الصحف والعروج على محل تنظيف الملابس فى طريقنا قبل الذهاب إلى العمل .
ومثلنا مثل المصابين بعرض بيتر بان السالف ذكرهم فى العلاج الثانى فاننا نفزع لفكرة ضرورة الاختيار من بين خيارات راشدة والتعايش مع قيود واقعية وبدلاً من ذلك فاننا نميل الى الانجذاب الى عقلية ” كافة الامور ممكنة ” إذ نقنع انفسنا بانه ليس لزاماً علينا أن نتخلى عن أى شئ فيمكننا القيام بأى شئ نود القيام به ومما يدعو للاسف ان الحياة لا تسعنا دائماً وينتهى بنا الأمر للتاخر.
وبالنسبة لكثريين منا يصعب تقبل المنغصات والاستغناء عن الاشياء ولكن هذا هو لب ضبط النفس والتغلب الناجح على العادات وأعنى القدرة على التضحية وتقبل القيود إنه قوة اختيار افضل الخيارات على المدى البعيد بدلاً من الخيارات التى يميل إليها الهوى فى الوقت الراهن حتى ولو كان هذا يعنى التخلى عن شئ ما .
لماذا يفتقر البعض إلى القوة ؟
ما مبدأ هذا كله ؟ هل فطر البعض على الانضباط اكثر من غيرهم ؟ أم أن الانضباط هو شئ نتعلمه بمرور الوقت ؟ بالطبع ما من سبب واحد يعلل استصعاب شخص ما تقديم التضحيات أو مقاومة الحاجة الملحة للقيام بشئ ما قبل مغادرة المنزل مباشرة بيد أن هناك مكونات قليلة أساسية تلعب دوراً فى تحديد ما إذا كنت ستضحى شخصاً يحسن السيطرة على نفسه أم نموذجاً مثالياً للاستسلام للنزوات:
- تجاربك من المجهود والمنغصات
- العوامل الوراثية
- المؤثرات العائلية
تجاربك مع المجهود والمنغصات
ما هى تجربة بذل المجهود ؟ لقد اكتشف علماء الاجتماع أن قدر ضبط النفس الذى يتحلى له المرء عادة ما يرتبط بقدر التجارب التى مر بها واستدعت ممارسة ضبط النفس واكتشف الباحثان النفسيان روبرت أيزنبرجر ومايكل أدورنيتو فى دراستهما لضبط النفس أنه كلما تم إرجاء الجوائز الممنوحة للأطفال زاد قدر ضبط النفس الذى يبدونه فى التحديات اللاحقة على سبيل المثال عندما يصر الاب على ضرورة التزام ابنه بالتدريب على العزف على البوق على الرغم من ان هذه المهمة قد نبدو مملة ومرهقة فانه يعلم طفله تقبل المنغصات وتكريس الجهود تجاه هدف محدد .
وهناك دراسة مثيرة أجراها الباحثون ميشيل وشودا وبيك تدلل على أن عادات قوة الإرادة تمتد حتى مرحلة الرشد وفى هذه التجربة أعطى الباحثون الذين درسوا ضبط النفس الأطفال الصغار قطعة من الحلوى وطلبوا من كل منهم الجلوس بمعزل عن الاخرين فى غرفة منفصلة وقيل للأطفال إنه يمكنهم تناول الحلوى ولكنهم إن انتظروا لحين عودة الباحثين فسيحصلون على خمس قطع إضافية من الحلوى وبعد هذه التجربة بسنوات إذ تابع العلماء هؤلاء الاطفال حيث انتقلوا إلى مرحلة الرشد أكتشفوا ان الاطفال الذين مارسوا ضبط النفس ولم يتناولوا أول قطعة حلوى واصلوا ممارسة قدر أكبر من ضبط النفس كراشدين ولقد نزعوا أيضاً إلى تحقيق مزيد من النجاح فى كل من حياتهم العملية وحياتهم الشخصية .
التكوين الوراثى
ومن العوامل الأخرى التى تلعب دوراً فى تطور ضبط النفس هو الأداء السليم للقشرة الفصية الجبهية للمخ يصف الطبيب دانيال امين مؤلف كتاب Change Your Brain, Change Your Life , القشرة الفضية الجبهية , التى عادة ما يطلق عليها ” مركز التحكم التنفيذى ” للمخ , من منطلق مسئوليتها عن مهارات من قبيل إدارة الوقت , واتخاذ القرار , والسيطرة على النزوات والتخطيط والتنظيم ويقوم دكتور أمين : ” إن قدرتنا كبشر على التفكير , والتخطيط المسبق والاستخدام الحكيم للوقت والتواصل مع الاخرين تتأثر تأثراً عظيماً بهذا الجزء من المخ ومن دون الاداء السليم للقشرة الفصية الجبهية يصعب على المرء أن يتصرف بشكل يتسم بالتساوق والكياسة ويقع فريسة للنزوات ” .
المؤثرات العائلية
من الملائم والمناسب دائماً أن نلقى باللائمة على والدينا فيما يتعلق بالمشاكل التى نعانى منها أليس كذلك ؟ فهما كبشا فداء مناسبان ولكن الحقيقة هى ان العائلات تؤثر تأثيراً عظيماً متى تعلق الامر باكتساب ضبط النفس فالدور الاساسى الذى يلعبه الاباء جلى ألا وهو المثل الأعلى فالأباء الذين يمارسون ضبط النفس فى حياتهم اليومية يضربون الامثال لابنائهم ويشهد الاطفال قوة الإرادة كجزء طبيعى لا يتجزأ من حياتهم والواقع أنه من بين المبكرين الذين اجريت مقابلات شخصية معهم وجدت أن كثيراً منهم نسبوا محافظتهم على المواعيد إلى ابائهم الذين شددوا على ضبط النفس والالتزام بـ ” قواعد المجتمع ” أما العائلات المشوبة بالتأخير فكانت تميل إلى اعتناق معتقدات متساهلة تجاه كيفية تصرف أفرادها .
والعائلات أيضاً تؤثر على تطور ضبط النفس لدى الأطفال من خلال الحب والحنان يشرح دكتور هاوارد ويشنى فى كتابة The Impulsive Personality هذه الظاهرة قائلاً : إن الطفل الذى يكبر دون أن ينعم بقدر مناسب من كل الحب والحنان يعانى من شعور بالحبس النفسى والحرمان وللتخفيف من بواعث قلق الطفل قد ينمو لدى الطفل اسلوب تفكير ” اريد كل شئ ” ويجد بالتبعية صعوبة فى تحمل المنغصات والإحباطات .
والعائلات ليست هى العامل الوحيد بطبيعة الحال الذى يؤثر على سيطرتك على ذاتك وعلى انضباطك إذ إنك توفر عواملك الخاصة من خلال الاختيارات التى تقوم بها ففى كل مرة تختار فيها السهل وتفضله على الصواب – كأن تفضل إغلاق المنبه على الاستحمام – فإنك تقوض من قدرتك على اختيار الصواب فى المرة التالية يرى إرفينج كوبفرمان عالم بيولوجيا الجهاز العصبى من مركز Columbia-Presbyterian Medical Center الطبى أن عاداتنا تؤدى إلى تبدلات جسدية فى المسارات العصبية لمخاخنا فعندما نقوم بأداء أمر بشكل متكرر أو نتخذ نفس القرار مراراً وتكراراً تقوى مسارتنا العصبية فى هذا الاتجاه وتصبح كما سبل الغابات التى وطأتها الأقدام مراراً وتكراراً وتزداد نزعة سلوك هذه الدروب مع كل فعل متكرر نقوم به فالعادات لا تولد بين ليلة وضحاها بل تترسخ تدريجياً مع كل اختيار نقوم به .
***
انتهت بحمد الله المقالة الأولى لمسار كيم التعليمى لتنمية مهارات الانضباط الوظيفي
إعداد الدكتور / محمود الضابط
– تابعنا على صفحة موسوعة كيم لتنمية المهارات وبناء القدرات
أو تواصل معنا ( مركز الخبرات الإدارية والمحاسبية / كيم ) على رقم جوال أو واتس أب : 00201005289720
====================
هذه المادة محمية بحقوق الملكية لمركز كيم للتدريب والإستشارات ولايحوز الاقتباس منها الا بعد اذن كتابي من المالك CAME CENTER
اعداد / حمدي حسن – نائب مدير التدريب بمركز كيم